كان ذلك في تقديرنا، وأردنا القيام به بتوفيق الله تعالى، ليكون مقدمة للتفسير، يكون فيها تعريف به، وإن كانت حقيقة كتاب الوجود فوق التعريف والبيان.
ولكن وقد اتجهنا إلى ذلك اتسع البحث علينا، ووجدنا أن ذلك قد يكون في ذاته غرضًا مقصودًا يقصد بالذات لَا بالتبع؛ ولذلك أخرجناه كتابًا قائمًا بذاته سميناه " المعجزة الكبرى ".
فهذا الكتاب وإن كان مقصودا بالجوهر والذات، هو أيضا مقدمة للتفسير، ويغني عن كتابة مقدمة جديدة، وإنا بعون الله تعالى نتجه إلى الله تعالى ضارعين إليه أن يمدنا بعونه وتوفيقه في القيام بحق كتابه الكريم علينا، وإننا بكرمه وفضله دائبون على كتابة ما قصدنا، حتى يوافينا الأجل المحتوم ونحن في جوار كتابه العزيز، عاملين لَا نبتعد عن عَرفه (١) ولا تتجافى مقاعدنا عنه.
اللهم أيدنا بالقوة والإخلاص، وأن يجعله نورًا لنا، وأن يحفظ كتابه من الأهواء التي تبغي تأويله بغير هدى نبيه، وتحويل معانيه عن غاياتها، وأن يقيه من الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ولا يسلكون الجَدَد (٢)، اللهم وفقنا لما تحب وترضي.
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨).
الإمام محمد أبو زهرة
________
(١) العَرف، هكذا بالفتح: الرائحة مطلقا، وأكثر ما يسعمل في الطيبة منها.
(٢) يملكون الجَدَد: يجتهدون. والجدد: الأرض المستوية.