الذي يرسله الله تعالى إلى رسله هو الملك جبريل عليه السلام، وقال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
وجبريل رسول الله فينا | وروح القدس ليس به خفاء |
كفر بنو إسرائيل بالمسيح عليه السلام، وقد أتى بهذه البينات القاهرة، ولكنهم كفروا استكبارا عن اتباعه عليه السلام، " ولأن ما جاء به يخالف أهواءهم فهم يريدون الرسول داعيا إلى ما تهوى أنفسهم، والكفر ملازم لكل من جعل إلهه هواه، فهو يدين لكل ما يتبع أهواءهم، ولا يدينون دين الحق الذي يقوم الدليل على صحته، وأنه من عند الله؛ ولذلك قال الله تعالى في بني إسرائيل: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ).
والهوى هو الميل إلى الشيء بالانحراف، ويسمى الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه إلى الباطل من كل شيء فهو يهوي إلى الخلق الفاسد، وإلى الضلال، ومن بعد ذلك يهوي به إلى النار.
وإنهم يرفضون طاعتهم للحق إطاعة لهواهم ولكنهم يسترون ذلك بالاستكبار، واستصغار الحق ومن يدعو إليه مستعلين عليه، كأنهم هم وحدهم، حملة الرسالة الإلهية ولا يحملها سواهم، لأنهم أبناء الله وأحباؤه، ولذلك كانوا مستمرين في غوايتهم.
قوله تعالى: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ) الفاء لترتيب ما بعدها من حكم على ما كان قبلها من كفر متوالٍ مستمر، والهمزة للاستفهام وهو لإنكار الواقع الذي هم فيه،