طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢).
فهذه الآيات وأمثالها كثير، ولابد فيها من الاستعانة بأهل الخبرة، ويقررون في ظلها الحقائق العلمية، ويجب أن يلاحَظَ أمران:
أولهما: ألا تفسَّر الآيات الكريمات بنظريات وفروض لم يقم الدليل القاطع عليها، وقد تتغير العلوم الكونية بتغير النظريات حولها وقتا بعد آخر، ولا يصح أن يفسر القرآن بنظريات قابلة للنقض والتغير. إنه كتاب الله تعالى لَا تبديل لكلماته، وهو العزيز الحكيم، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ثانيهما: ألا يكون الاتجاه إلى تحميل الألفاظ فوق ما تحتمل، فلا تجهد الآيات إجهادا ليطبقوها على الحقائق أو ليطبقوا الحقائق عليها، بل لَا يفكر أهل الخبرة في أسرار الآيات إلا ما يكون ظاهرا واضحا كما رأينا في الآيات التي تُلِيَتْ، ويكون عمل الخبير العلمي تصويرها من غير إجهاد لألفاظها، أو تحميلها ما لَا تحتمل، وإن الأخذ بهذا المنهاج السليم فيه بيان للقرآن الكريم، وصيانة له، وبعد به عن مواطن الشبهات.
* * *
(علم الكلام وآراء الفقهاء)
كثر القول في تفسير القرآن الكريم في الكتب التي تصدت للتفسير كتفسير الزمخشري، وفخر الدين الرازي وغيرهما من أمهات كتب التفسير في أمور هي من علم الكلام؛ كتعلق إرادة الله تعالى بأفعال العباد، وكذلك الآيات القرآنية التي تتعرض للمشيئة والإرادة، وهداية العبد وضلاله، وللصفات أهي غير الذات، أم هي والذات شيء واحد، وغير ذلك من مسائل علم الكلام. والزمخشري مع مقامه في البيان، وإثباته إعجاز القرآن من تفسير القرآن، يذكر مذهبه الاعتزالي ويخرج تفسيره على هذا المذهب، وتعقبه من جاء بعده في إثبات صحة مذهب


الصفحة التالية
Icon