المجتمع الفاضل الذي تقوم عليه، وما يحل وما يحرم في هذا المجتمع، وفيها قيام الأسرة الإسلامية التي تقوم على تقوى من الله تعالى، ورضوان من الله ورحمة.
وإذا كانت السور المكية فيها الإشارات لإيذاء المؤمنين، واستضعافهم، مع رجاء القوة كقوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضعِفوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثينَ).
إذا كانت السور المكية فيها إشارة إلى الاستضعاف فالسور المدنية فيها الإذن بالقتال، وتنظيمه، والسير به في طريق الحق والعدل، وبيان الغاية من القتال ونهايته، وهي منع الفتنة في الدين.
وسورة البقرة أطول سور القرآن، وسميت البقرة لأظهر الحوادث التي ذكرتها، وأغربها، وهي بقرة بني إسرائيل التي لجوا في السؤال عنها، وما تدل على أخلاقهم من اللجاجة في القول، وإرادة التلبيس في الأمر الواضح البين، فقد كانوا كلما زادت لجاجتهم زاد الأمر تعقيدا عليهم، وتلبيسا على أنفسهم.
* * *
(موضوعات السورة)
وبمقدار ما في السورة من طول، كان فيها القدر الأكبر من الموضوعات، فهو طول في كثرة الآيات، وليس طولا مما يمجه علماء البلاغة، فهو كثرة موضوعات وليس بطول ممل، وها نحن أولاء نشير إلى موضوعاتها قبل الخوض في تفسيرها. ابتُدِئت السورة الكريمة بذكر شأن الكتاب الكريم، وشرف الذين يؤمنون به، وأنهم الذين يؤمنون بالغيب.
ثم ذكر القسم المقابل لأهل الإيمان وهم الكافرون الذين لَا تجدي فيهم الآيات والنُذُر سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يؤمنون، وأنهم صم بكم لَا يعقلون.
ثم ذكر سبحانه وتعالى أمر الحائرين الذين يترددون بين الإيمان والكفر، وهو يحيط بهم، وهم المنافقون الذين يحسبون أنفسهم أنهم المصلحون في الأرض، وهم المفسدون.