وأن يعيشوا على الكفاف، لأنه حيث كان القِل من العيش كان الإخلاص والاتجاه الكامل إلى اللَّه تعالى، لَا يشغله عنه شاغل من متع هذه الحياة، ولقد كان محمد - ﷺ - فيما روي عنه يقول: " اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين "، ولأن الأنبياء قادة الخليقة إلى الله تعالى، فيجب أن يكونوا قريبين من أضعف الناس لَا يتجافون عنهم في مظهر، ولا عرض من أعراض الدنيا، ولأنهم يتجهون إلى معالى الأمور، ولا يتجهون إلى سفسافها.
* * *
إن تكذيب الساعة أوجد الضلال
قال تعالى:
(بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا (١١) إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤) قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)
* * *
(بَلْ كَذَّبوا بِالسَّاعَةِ)، بل للإضراب الانتقالي الذي يكون بانتقال الكلام من مقام إلى مقام، فكان الكلام في بيان تكذيبهم للنبي - ﷺ -، وادعائهم على القرآن أنه إفك افتراه الرسول، وقولهم إنا نريد ملكا معه يكون ردءا له، وإنه لَا يعيش عيشة الملوك وحاشيتهم، فانتقل إلى سبب ذلك كله، وهو كفرهم بالساعة، ذلك


الصفحة التالية
Icon