(قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥)
الخطاب للنبي - ﷺ -، طلب إليه ربه تعالى بعد أن ذكر لهم ما أعده اللَّه تعالى للذين لَا يؤمنون بالبعث ويشركون بربهم، أن يبين لهم ما أعده للمتقين الأبرار الذين يؤمنون بالبعث مقابلا بينه وبين ما أعد للمشركين، فقال: أذلك السعير الذي أعد لهم، والذي ينادون فيه بالهلاك حسرة وندما خير في مآله ونهايته، أم جنة الخلد والنقاء التي أعدها للمتقين الأبرار، والمعادلة من حيث إن كلا مستعد هيأ اللَّه له ما يستحقه، فهم يستطيعون أن ينالوا الجنة إن اتقوا، كما ينال الذين أنكروا البعث ما يلقون من جهنم وسعير.
وإن الجنة استحقوها جزاء لأعمالهم، وهي مصيرهم ومآلهم الذي كان لهم نهاية، وغاية المتقين الأطهار.
(لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)
الضمير في لهم يعود إلى المتقين (مَا يَشَاءُونَ)، أي ما يحبون ويريدون من ملاذ، ومن متع أعلى مما في هذه الحياة، ففيها كل ما يحبون؛ ما لَا عين رأت ولا أذن سمعت، وإن الإحساس بالقدرة على تحقيق كل رغباتهم من نعمة هو في ذاته نعمة، مع ما يتضمن من نعم أخرى ينالها، فالملاذ نعمة، والقدرة المستمرة عليها نعمة أخرى، نعمة التمكين، وهناك نعمة ثالثة تحف بهم، وهي نعمة الخلود والدوام، فهي نعم غير مقطوعة، ولا ممنوعة ساعة من زمان، وقد أكد سبحانه وتعالى وعده بها، وأنه سبحانه كتبها على نفسه بقوله: (كانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا)، أي كان ذلك الوعد الذي كتبه على نفسه مسئولا، أي حقيقا بأن يسأله ويطلب فضلا من ربك ورحمة، فقد ألزم نفسه به، ولم يلذ به غيره، تعالى اللَّه عن ذلك علوا كبيرا، فهو قد كتبه على ذاته العلية.
والتعبير بقوله تعالى: (كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا) يشير إلى أنه من فضل الربوبية ورحمة المنعم القادر على كل شيء، فالمسئولية ليست مسئولية إلزام، إنما