امتنع إيماننا لأنه لَا تنزل ملائكة أو لم نر ربنا، والأظهر أنها للتمني، أي نطلب متمنين أن ينزل علينا ملائكة أو نرى ربنا، وهذا مؤدى الحض، فهم يتمنون متعللين بهذه الأمنية الباطلة لتبرير كفرهم.
ومعنى قولهم ومؤداه أننا لَا نؤمن بانك رسول، ولو كان اللَّه يرسل رسولا لأرسله من الملائكة، ولماذا لَا يخاطبنا، وهكذا سار المشركون على ما سار اليهود من قبلهم، فقد قالوا لموسى - عليه السلام - لن نؤمن لك حتى نرى اللَّه، إن هذا الذي طلبوه يتضمن في ذات نفسه خروجا بهم عن طورهم الإنساني؛ لأن الرسول يجب أن يكون من جنس من أرسل إليهم، فهم بطلبهم هذا كطلب بني إسرائيل من قبل قد تعدوا الحدود، ولذا قال تعالى بعد ذلك (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا) السين والتاء للطلب، أي طلبوا الكبر في ذات أنفسهم وتعدوا حدودهم، وحسبوا بكبرهم الذي طلبوه أنهم فوق البشرية، وألفوا الظلم، والنّبوّ عن الحق، والخروج من دائرته، ولا سبيل إلى رجعتهم، وقد أكد اللَّه سبحانه وتعالى استكبارهم عن الحق وبعدهم بـ اللام وبـ قد، وبوصف بعد عن الحق كبير وضلال بعيد، قد أوغلوا فيه وإذا كانوا يريدون أن يروا الملائكة فسيرونهم، ولكن لَا على أنهم مبشرون ومنذرون، ورسلا في الدنيا من قبل رب العالمين، ولكن يرون مبشرين بدخول الجنة فعلا يوم القيامة، أو ملقين لهم ولأشباههم في الجحيم، ولذا قال تعالى:
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (٢٢)
أي أنهم سيرون الملائكة غير نازلين لهم في الدنيا، فالرسالة من البشر، كما هي سنة اللَّه في دعوة الخلق إلى الهداية، وكما كان شأن الرسل من قبل محمد - ﷺ -، كما قال تعالى مخاطبا نبيه (... قل مَا كنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ...)، فهم يطلبون محالا في الدنيا، وستنزل إليهم الملائكة فيرونهم عيانا، ويكون عذاب منهم إليهم، ولذا قال تعالى (لا بُشْرَى يَوْمَئِذ لِلْمُجْرِمِينَ) هذه عبارة


الصفحة التالية
Icon