(وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١).
الواو عاطفة هذا الكلام على ما سبقه، أو دالة على الاستئناف و (إِذْ) متعلقة بمحذوف، تقديره اذكر، أي اذكر لقومك قصة موسى، والتعبير بربك إشارة إلى أنه الكالئ الحامي المدبر القيوم على كل شيء، (أن) حرف تفسير للنداء، نداء اللَّه تعالى جلت قدرته، فالنداء (ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
قَوْمَ فِرْعَوْنَ) وصفوا بالظلم؛ لأنهم هم الذين مكنوا فرعون من ظلمه، فكانوا ظالمين؛ لأنهم الذين أقاموه، وأيدوه، وطاوعوه، ومهدوا، وصاروا آلة طيعة لتنفيذ مظالمه، وإنه لا يسأل العامة عن ظلم الخاصة، حتى يروا الظلم فلا يستنكروه، وكذلك كان أهل مصر، وعبر عنهم بقوم فرعون لأنهم كانوا له تبعا، وقد فني وجودهم في وجوده، (أَلا يَتَّقُونَ) هذه جملة مستأنفة دالة على أنهم لم يتقوا، وأفرطوا في اتباع فرعون، وكان إسرافهم على أنفسهم، إذ إنهم لما لم يستنكروا أوغل هو في الطغيان بمقدار إسرافهم في الخضوع، فرد الطغاة وقاية للأنفس، واتقاء للَّه، و (ألا) دالة على التحريض والحث على التقوى، وهنا التفات من الخطاب إلى الغيبة، للدلالة على الغضب عليهم، وهناك قراءة بالخطاب ألا تتقون، ويكون النص محرضا لهم على التقوى.
وإن ذلك النص بعد فوات قرون، فيكون معناه أنهم كانوا في حال كان يجب أن يحرضوا فيها على التقوى، وأن موسى عليه السلام حرضهم عليها، ولم يتركهم لأنفسهم، وفي ذلك إشارة إلى أنه يجب أن يقمع كبراء قريش، وألا يستسلم الناس لهم، ويخنعوا لعبادة الأوثان.
وهناك قراءة بكسر نون (أَلا يَتَّقُونَ) وتكون منيبة عن ياء المتكلم، أي ألا تتقون اللَّه رب العالمين.
(قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)


الصفحة التالية
Icon