هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧).
هذا هو الذنب، وسنتكلم في مقدار كونه ذنبا عندما نتكلم على هذا في سورة القصص قريبا إن شاء اللَّه تعالى.
أجابهما اللَّه تعالى على طلب هارون، وعلى بث روح العمل، ودفع الخوف، فقال:
(كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)
(كَلَّا) حرف للرد مع ردع، أو قوة في الرد، والفاء للإفصاح، لأنها تفصح عن شرط مقدر، أي إذا كان ذلك ما تخاف فاذهبا، والخطاب بالتثنية دليل على أنه أجيب سؤله بالنسبة لهارون (فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا) أي محملين بالآيات التي تدل على الرسالة، فإنه إذا كان قويا بسلطانه، فأنتما قويان بالحق الثابت بالآيات الباهرة القاهرة التي لَا يماري فيها إلا أثيم، ثم طمأنهما على أنه لَا يؤذيهما، فقال: (إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ) وقد أكد سبحانه وتعالى نصرتهما بثلاث مؤكدات أولها - إنَّ الدالة على التوكيد، والثاني المعية، في اللَّه معهما، ومن كان اللَّه معه لَا يغلب ولا يرهب أبدا، والثالثة أنه مستمع لما يجري مرتب عليه ما يستحقه أهل الطغيان، وهذا كقوله في سورة طه (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى).
(فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧)
الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، لأن المترتب على الأمر بالذهاب أن يأتياه ويخاطباه بأنهما رسول رب العالمين، وأفردت رسالتهما بالتعبير برسول رب العالمين للإشارة إلى أن الرسالة التي أرسلا بها واحدة، وأنهما كرسول واحد، وأن موسى يتلقى أمر ربه ويعاونه هارون في التوضيح والتبيين، فهما رسولان لرسالة واحدة، وقد ذكر أنهما رسولان في سورة طه، فقالا: (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ)،