لا عوج فيه، ولا اضطراب، بل يتجه إلى أعلى اتجاها مسمتقيما، وفي ذكر إقامة الصلاة إشارة إلى المعاني الروحية في العبادات الإسلامية من صلاة وصوم وحج، فهو ابتداء تطهير للنفوس من أدرانها، وإقامة للعلاقات الإنسانية على هذه الطهارة من أدران الأحقاد والأضغان.
والصفة الثانية: أنهم يؤتون الزكاة، وهي الفريضة المادية الروحية، والتي يقوم عليها التعاون الاجتماعي بين الغني والفقير، ولذا سميت الزكاة بالماعون، أي ما يكون به العون، كما قال تعالى في وصف الضالين: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧).
والماعون هو الزكاة التي هي أساس للتعاون الإنساني.
والصفة الثالثة: وهي الأصل للأوليين، وهي الإيمان باليومِ الآخر، فهو لب الدين، وهو توجيه الإنسان إلى حقيقة معناه فقال سبحانه (وهُم بالآخرَة هُمْ يُوقِنُونَ).
بالآخرة - تتعلق بالفعل يوقنون، أي يؤمنون مذعنين غير مترددين؛ لأن العلم اليقيني يدفع الإنسان إلى عمل الخير، ولو كان تناله المشقة منه في الحياة، فإن ذلك يكون دافعا إلى الاستمرار مؤمنا بأن جزاءه يستقبله، وكلما زادت المشقة فيه، زاد الأجر، وما عند اللَّه خير وأبقى.
ولقوة هذه الخصلة الكريمة للمؤمنين وكونها لب الإيمان أكد اللَّه تعالى إيمان المؤمنين باليوم الآخر بعدة مؤكدات، أولها بتقديم الجار والمجرور، وثانيها بالجملة الاسمية، وذكر ضمير الفصل مرتين في صدر الجملة. وآخرها.
وقد ذكر سبحانه ببد ذلك حال الذين لَا يؤمنون بالآخرة، فقال سبحانه وتعالت كلماته:
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥)
أكد سبحانه أن الذين لَا يؤمنون بالآخرة لهم في الدنيا أمران أحدهما سبب للآخر، ولهم في الآخرة سوء العذاب، وهم في الآخرة هم الأخسرون.