لهم؛ ليفطم نفوسهم - وليسوا جميعا سواء؛ ولذلك ذكر الله تعالى الراسخين في العلم منهم ومقامهم من الحق والإيمان بهم.
ولقد بين سبحانه وحدة الرسالة الإلهية، فما أوحي إلى النبي هو ما أوحي إلى الأنبياء قبله، وإن الله يشهد والملائكة يشهدون بصدق ما جاء به، وإن الكافرين صدوا عن سبيله وضلوا وطريقهم إلى جهنم. ثم بين سبحانه ضلال أهل الكتاب، فقد غالوا في أنبيائهم، فقال النصارى: الله ثالث ثلاثة! وذلك ليس الحق (لَن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ...).
ثم بين سبحانه وتعالى أن القرآن حجته فيه، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ من رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا).
وقد ختم سبحانه وتعالى السورة بما ابتدأ به، وهو أمر بعض أحكامِ الأسرة، لبيان أن الأسرة هي حمى المجتمع وموضع صيانته، فقال سبحانه: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦).
هذه إشارة موجزة إلى ما اشتملت عليه السورة التي تعلو بالإنسانية إلى أعلى مراتبها، قدمناها بين يدي تفسيرها ليكون التفسير تفصيلا لهذه الإشارات، والله تعالى هو الذي يمدنا بعونه وتوفيقه. إنه هو الحكيم العليم.
* * *