من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج، ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضادا زوج. قال تعالى: (فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثَى)، قال: وزوجك الجنة (١)، وزوجة لغة رديئة، وجمعها زوجات. قال الشاعر: " فشكا بناتي شجوهن وزوجتي ".
وإن كثيرا من المفسرين على أن المراد من الزوج حواء، وقد خلقت من آدم، وقد أخذوا من ظواهر آثار وردت عن الصحابة، وعن تفسير بعض التابعين، ومن ظاهر قوله - ﷺ -: " إن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج " (٢).
وإن كثيرين من المفسرين قالوا إن المراد من جنسها أي من طبيعتها، ومن خواصها، وذلك مثل قوله تعالى:
(وَمِنْ آيَاته أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...). ومثل قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً...). وقوله تعالى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١).
وإذا كانت الزوج من جنس النفس العامة فإنه يسكن إليها ويطمئن عندها كما ذكر في آيات أخرى غير الآية التي هي موضوع كلامنا.
وقد كانت نتيجة ذلك الازدواج النفسي والجسدي، أن كان البشر، ولذلك قال سبحانه: (وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كثيرًا وَنِسَاءً). والبث معناه النشر والتفريق، ومن ذلك
________
(١) أي في قوله تعالى في سورة البقرة (٣٥): (وَقلْنَا يَا آدَم اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْخكَ الْجَنًةَ).
(٢) أصح ما ورد في هذا الحديث ما جاء في الصحيحين؛ رواه مسلم: الرضاع - الوصية بالنساء (١٤٦٨)، ولفظه: عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -: " إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا "، ورواه البخاري: النكاح - المداراة مع النساء (٥١٨٤).


الصفحة التالية
Icon