امرأة أعطت ثم أرادت أن ترجع فلها ذلك " وروي أن رجلا أبرأته امرأته من مهرها، ثم طلقها فرجعت (١) فاحتكما إلى عبد الملك بن مروان فحكم لها، وقال شريح في مثل هذه الحال: لو طابت نفسها ما رجعت، وكان الأوزاعي لَا يجيز هبة المهر إلا بعد أن تنجب منه، أو تمضي سنة على زفافها - والنص يشير إلى أنه يحسن ألا تترك له كل المهر، ولذا قال تعالى: (فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شيْءٍ مِّنْهُ) ومن للتبعيض أي عن بعضه، ويظهر أن هذا لتأكيد طيب نفسها، ويجوز الإبراء منه كله.
* * *
________
(١) أي رجعت فيما أبرأت من مهرها.
(وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا... (٥)
* * *
السفهاء جمع سفيه، والسفه اضطراب في الرأي والفكر، وأصله من اضطراب المحسوسات. ويقول الراغب الأصفهاني في مفرداته: " السفه صفة في البدن، ومنه قيل زمان سفيه كثير الاضطراب، وثوب سفيه رديء النسج، واستعمل السفه في صفة النفس لنقصان العقل في الأمور الدنيوية ".
والسفهاء هنا هم الذين لَا يحسنون تدبير الأموال إما لصغر سنهم، وإما لنقص عقولهم، وإما لسوء تدبيرهم وتبذيرهم، والقيام هنا هو الولاية المالية والسلطان، وعبر عن الولاية بالقيام، لأن القيام هو العماد والسناد في اللغة، والولاية المالية المقصود منها أن تكون عمادا وسندا للقاصر المولى عليه، وعلى هذا التفسير يكون معنى السفهاء شاملا لكل العاجزين عن تدبير المال أيا كان سبب العجز. ويكون معنى النص الكريم: لَا تعطوا المال لِلَّذين لَا يحسنون القيام عليه لصغر أو نقص عقل، أو فساد رأى ثابت، والمراد مال هؤلاء، ولكن أضيف المال إلى الأولياء ليحثهم على حفظه وصيانته كأنه مالهم، وقد يكون الخطاب لجميع الأمة بالدعوة إلى المحافظة على أموال العاجزين؛ لأنه من حال الأمة المتضافرة المتعاونة المتكافلة، ورجح الزمخشري أنه خطاب للأولياء، وقال في ذلك: " والخطاب للأولياء وأضاف الأموال إليهم؛ لأنها من جنس ما يقيم به الناس


الصفحة التالية
Icon