معناه الحفظ والصيانة والرعاية، ويتضمن ذلك معنى الإرشاد والتوجيه والوعظ، ولذا قال الراغب: إمساك الشيء التعلق به وحفظه، قال تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ...)، وقال: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ...)، أي يحفظها. فمعنى الإمساك في البيوت الحفظ فيها والرعاية والتهذيب بعطف؛ وذلك لأن المرأة تزل إذا فقدت التهذيب، وحرمت من الصيانة فتنطلق غير مقيدة، إذا لم يكن لها هاد مرشد وإذا كان ذلك سبب الزلل، فعلاج الانحراف بالإمساك في البيوت مع الحفظ والرعاية. ويستمر الإمساك حتى الوفاة، أو حتى الزواج، كما قال: (فَأمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَاهنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا)، أي طريقا واضحا لمنع الزَّلل والابتعاد عنه، وذلك بتحصين نفسها بالزواج.
والرمي بالزنا أفحش ما ترمى به المرأة والرجل، وكثيرات من النساء يمُنَّ فريسة لشائعات كاذبة، ولذلك شدد الله تعالى في إثبات الزنا أبلغ ما يكون التشديد، فقرر أن يكون بشهادة أربعة من الرجال بحيث لَا تقبل في ذلك شهادة النساء، وقرر أن تكون الشهادة بالمعاينة لَا بالسماع، ولذا قال: (فَإِن شَهِدُوا) أي إن ذكروا أنهم عاينوا وشهدوا (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ)، ولحماية الشارع لعرض المرأة من أن يكون مضغة في الأفواه - قرر عقوبة شديدة لمن يرمي النساء والرجال من غير أن يكون أربعة يشهدون، فقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤).
هذا هو العلاج الوقائي الذي خص القرآن به المرأة، حتى لَا تستمر في غيها، وذلك هو طريق الإثبات، أما العلاج الذي يشمل الرجل والمرأة، فهو ما جاء في قوله تعالى:
* * *
(وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا... (١٦)
* * *
هذا حكم الذكر والأنثى إذا أتيا تلك الفاحشة، وهي الأمر الإدُّ، وهي المنكر الذي تنكره العقول. والعلاج في هذه الحال ليس علاجا نفسيا لهما فقط، بل هو


الصفحة التالية
Icon