تعالى إلى التعاون بالبر وقرنه بالتقوى له، لأن في التقوى رضا الله تعالى، وفي البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته، وعمت نعمته " والإثم: أصله اللغوي الأفعال المبطئة عن الخير المانعة له، ثم أطلق على كل ما يفسد النفس ويفسد العمل، ويكون فيه العصيان، ومجافاة الخير، وقرب الشر، وإن الإثم إذا لم يتعد إلى غيره كان على نفسه، وإن تعدى على غيره كان عدوانا، وقد قال تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (١١٢).
وقد نهى سبحانه عن التعاون على الإثم والعدوان، فنهى عن الإثم الذي تكون مغبته على صاحبه أو تفسد قلبه، وعن العدوان على غيره.
والتعاون: معناه تبادل المعونة، ويكون في الخير بمد يد المعونة في الشدائد، وكل يجود بما عنده لأخيه، فالعالم بعلمه، والشجاع القوي بدفاعه عن الضعيف، وأن يكون المؤمنون يدا على من سواهم، ومنع الظالم من ظلمه، وإرشاد الضال، ومنع الآثام. وهذا تعاون أفرادي عام، وله أشكال كثيرة، والتعاون الجماعي بتعاون الأسرة، وتعاون الحي، وتعاون الأمة، وتعاون الجماعة الإنسانية، وكل ذلك حثَّ عليه الإسلام، ومن التعاون تأليف جماعات له، والنبي - ﷺ - أوجد أعظم تعاون جماعي وذلك بالإخاء في الإسلام.
وقد ذيل الله سبحانه النص الكريم بقوله: (إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
وهذا إنذار لمن يتعاونون على الإثم والعدوان وترهيب لغيرهم (وقد أكد الله - تعالى - هذا المعنى بثلاث مؤكدات " إنَّ " الدالة على التوكيد)، وبذكر لفظ الجلالة، والوصف بالشدة.. اللهم قِنا غضبك، وامنحنا رضاك، إنك أنت الغفور الرحيم.
* * *