ولذلك كان تحريم الميتة والدم والخنزير، لأنها رجس، وهذا حرِّم لأنه فسق وإشراك، وهذا مؤدى قوله تعالى: (قُل لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّه رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ).
وإن الذبيحة إنما تحرم إذا كان قد ذكر غير اسم الله تعالى عليها، وإنها حلال إذا ذكر اسم الله تعالى عليها، ولكن إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليها، ولم يذكر غيره، وكان الذابح مسلما، وكان الذبح في مكان لَا يبدو أن فيه تقربا لغير الله تعالى أتكون الذبيحة حراما أم لَا تكون؟.
قال بعض الفقهاء: لَا تحل لقوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ...)، فإذا لم يذكر اسم الله، فذلك من مواضع النهي.
وقال آخرون: إن موضع التحريم هو فيما أهل لغير الله به، والآخر على أصل الحل، ويدل على ذلك القصر في التحريم في قوله تعالى: (قُل لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا... ). وبقصر النهي في قوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ...)، على حال ما إذا ذكر غيره وما كان قبل النهي وبعده يزكي تفسيره بذلك، وسنبين ذلك عند الكلام في هذه الآية إن شاء الله تعالى.
(وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ).
الْمُنْخَنِقَةُ: هي التي تموت بخنق إما باختناقها من وثاقها، أو يخنقها غيرها ويتركها حتى تموت.
والموقوذة: هي التي وقذت بحجر، أو تضرب بعصا حتى تموت من غير تذكية شرعية، فالوقذ الرمي، والضرب الشديد.. وما يرمى بالسهم، فيموت أيعد موقوذا أم لَا يعد؟ روي أن النبي - ﷺ - قال: " إذا رميت بالمعراض (السهم الذي قد يصيب بعرضه لَا بحده) فخزق فكُلْهُ وإن أصابه بعرضه فلا تأكله، فإنه