(فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ) التيمم: القصد، والصعيد: التراب الذي يكون على ظاهر الأرض أو نحوها، والطيب: الذي لا نجاسة فيه، والتيمم لَا بد فيه من النية باتفاق الفقهاء، وله ركنان: أحدهما: مسح الوجه، والثاني: مسح اليدين إلى الرسغين أو إلى المرفقين على الخلاف في ذلك، ويكون التيمم بضربة واحدة، وقيل بضربتين، وقد ذكرنا ذلك في مثل هذه الآية في سورة النساء، وبينا ما يتعلق بمعاني التيمم في هذه الآية.
(مَا يُرِيدُ اللَّه لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) هذا الكلام يفيد النفي المؤكد بأنه ليس في الدين حرج، أي ضيق ومشقة، وقد تأكد النفي بنفي الإرادة، وهي نقيض نفي الوقوع، وبحذف موضوع الإرادة، وهذا يقتضي عمومه والمعنى لَا يريد الله سبحانه أي أمر فيه مشقة أو ضيق لكيلا يترتب عليه أن يكون عليكم حرج وضيق في الدين، وتأكد النفي باللام في قوله: (لِيَجْعَلَ عَلَيْكم) فهي التي تسمى لام الجحود أي النفي المؤكد، والمعنى: ما كان من أمر الله تعالى في عباده أن يجعل الدين عليهم فيه مشقة مجهدة أو ضيق وحرج؛ ولذا شرع التيمم بدل الوضوء، وغير ذلك مما ييسر العبادات ويسهلها، كما قال تعالى: (... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكمُ الْعُسْرَ...)، ولكن يريد الله لكم طهارة الجسم من الأرجاس، وليرحض عنه الأوساخ، وطهارة النفس وتزكيتها بالإخلاص لله تعالى، وليتم نعمته عليكم بالتيسير والتسهيل والمداومة على الطاعات، والتأليف بالعبادات بين جماعتكم (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي يعدكم ذلك الإعداد الطاهر النزه في الجسم والروح لتكون حالكم حال من يرجى منه شكر النعمة، والاستمرار على طاعة الله وتنفيذ أوامره.. اللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين.
* * *