ليخلعوا من نفوسهم عوامل التردد، ويتجهوا إلى تصديق العليم الحكيم القادر على كل شيء.
* * *
(وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣)
* * *
بعد أن أشار سبحانه وتعالى أنه الخالق لكل شيء أشار سبحانه إلى البعث وذكر من قبل ذلك أنه الخالق ذو السلطان المطلق في هذا الوجود يسيطر عليه بجلاله، وألوهيته، واستحقاقه للألوهية وحده، وهو العالم فيه بكل شيء، فلفظ الجلالة يتضمن معنى الألوهية الحق، ومعنى الوحدانية والعلم والقدرة والإرادة، والسلطان الكامل الذي لَا يدانيه سلطان، فمعنى قوله: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ) يتضمن خضوع كل من فيهن له سبحانه، وسيطرته الكاملة وقدرته وعلمه، واستحقاقه للعبودية؛ والألوهية وحده.
والضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على المستحق للحمد الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، والذي خلق الإنسان من طين، وإنه بذلك يكون مستحقا للحمد، ويكون هو المسيطر في الكون الذي أنشأه وفي الإنسان الذي صوره من طين، وسخر له ما في السماء والأرض.
وقد ذكر وصفان جليلان فيهما تذكير وتبشير وإنذار.
أولهما - أنه يعلم (سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) فإنه يعلم ما تظهره الجوارح وما تخفيه السرائر، يعلم ما يجري على الإنسان وما تخفي الصدور، فإن حاسب على ما يفعلون، فحسابه حساب اللطيف الخبير الذي لَا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أنى يكون، وهو مجاز على ذلك إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وهو من بعدُ الغفور الرحيم.
الوصف الثاني - أنه يعلم ما يكسبون من خير أو شر، ولكل ذلك حسابه من هنا إلى يوم القيامة.
* * *