وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (١٠) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١) قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢)
* * *
كانت الآيات السابقة تبين إعراض الذين كفروا عن آيات الله تعالى، وهي المعجزات التي يأتي بها الأنبياء لإثبات أن رسالاتهم من عند الله سبحانه وتعالى، وأن المشركين يعرضون عن القرآن الكريم، ويطالبون بآيات أخرى ويحسبون أن المسوغ لكفرهم نقص فيها، لَا نقص فيهم بعدم الإذعان للحق، وأن الناس قسمان: قسم يذعن للحق إذا قامت بيناته، وهذا يكفيه ما اختاره الله سبحانه وتعالى دليلا على رسالة من بعثه الله تعالى؛ لأنهم طلاب حق يتعرفون دليله، ويذعنون إليه.
والقسم الثاني - استولت عليهم أهواؤهم وشهواتهم، وسدت مسالك النور في قلوبهم، فهم في لهو وإعراض، وهؤلاء لَا تزيدهم قوة الدليل إلا إصرارا، وهؤلاء لَا يذعنون للحق مهما تكن قوة الدليل، وهم الذين قال الله تعالى فيهم:
(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتَابًا فِي قرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْديهِمْ لَقَالَ الَّذينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مبِينٌ).