الطريقة المثلى، وينأون عن النبي، أي يبتعدون عن النبي - ﷺ -، ويتجافون مجلسه، فهم يقومون بأعمال ثلاثة كلها انحراف عن الصراط المستقيم واتباع للغواية: أولها - الإعراض عن آيات الله تعالى وتكذيب النبي - ﷺ -، وثانيها - أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق، فهم ضالون مضلون، والثالث - أنهم لكي يباعدوا بينهم وبين الحق، ولا يجعلون سبيلا لقلوبهم يجتهدون في ألا يلتقوا بالنبي - ﷺ -، فيتجافوا عن مجالسه لكيلا يكون منه منفذ للحق إلى قلوبهم، ففيهم غواية ولجاجة.
وفى هذا التفسير يكون الضمير في (عنه) في الحالين يرجع إلى النبي - ﷺ - وما جاء به.
وبعض المفسرين التابعين لبعض التابعين جعل الضمير في ينهون في الحالين يعود إلى عشيرة النبي - ﷺ - وأعمامه وكانوا عشرة، فهم للعصبية التي كانت قائمة يذبون عن النبي - ﷺ - وينهون المشركين عن أن ينالوه، وفي الوقت ينأون عن إجابته، ولعل أوضح مثل لذلك أبو طالب، فقد كان يمنع النبي - ﷺ - من أذاهم، ويمتنع عن اتباعه مع أنه في قرارة نفسه كان يظنه على حق، ولقد روي عنه شعر في ذلك، فقد روى أنه قال:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم | حتى أوسَّد في التراب دفيناء |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة | وأبشر بذاك وقرَّ منه عيونا |
ودعوتنى وزعمت أنك ناصح | ولقد صدقت وكنت ثَمَّ أمينا |
وعرضت دينا لَا محالة إنه | من خير أديان البرية دينا |
لولا الملامة أو حذاري سبة | لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
وإنهم في إصرارهم وعنادهم ولجاجتهم في كفرهم ونهي الناس عن الاتباع،
بل فتنتهم - يسيرون في طريق الفساد والضلال ولا يهلكون أحدا إلا أنفسهم؛ لأن