جاءت كتب أهل الكتاب بالشهادة له فهو معجزة أزلية ثابتة، وقد قال تعالى في بيان ذكره في الكتب السابقة هو ورسوله الأمين: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)، فهو كتاب الخليقة الذي يشتمل على كل الحقائق الشرعية.
ولقد قال تعالى رادا على أي شكوك وارتياب: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤).
وإن الشك ليس من النبي - ﷺ -، ولكنه شك من المشركين أداهم إليه جحود الحق وقد عرفوه ولقد قال بعد ذلك في هذه الآية.
(فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)
الامتراء: الشك، والنهي مؤكد بنون التوكيد الثقيلة، والفاء للإفصاح عن شرط مقدر فإن تقدير القول إذا علمت أنه حكم الله تعالى، وأن الكتب السابقة شاهدة على الصدق، فلا تكونن من الممترين والنهي للنبي - ﷺ -، بظاهر القول، وهو لأمته التي يدعوها إلى الإسلام، وإلى أولئك الذين تهجموا بطلب آيات أخرى، وليس النهي للنبي - ﷺ - في الحقيقة؛ لأن النهي عن فعل يكون حيث يتوقع وقوعه، ولا يمكن أن يكون ذلك من النبي - ﷺ -، لأنه الذي نزل عليه القرآن، فلا يمكن أن يكون منه امتراء إنما يكون من غيره، وإنما ذكر موجها إليه - ﷺ -، لإعلاء شأن القرآن، ولبيان مكانته، وأنه فوق ارتياب المرتابين، ولأنه إذا كان النبي - ﷺ - منهيا عن الامتراء، وهو من نزل عليه القرآن فغيره أولى بالنهي.
وإن نزول القرآن والتحدي به، وعجزهم عن أن يأتوا بمثله، وتقدير الله تعالى بأنه لَا يؤتى بمثله قط إذ قال تعالت كلماته: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ


الصفحة التالية
Icon