بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)* * *
قال تعالى:
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) الأنفال: جمع نَفَل بفتح الفاء، وهو هنا الغنائم، وسميت أنفالا؛ لأن النفل هو الزيادة، لأنها ليست في مقابل، حتى تكون أجرة للمحارب كالمرتزقة من الجنود في هذا الزمان، وإنما أجر المجاهد عند ربه، وثوابه ورضوانه أعظم، فهي زيادة على ثواب الجهاد، وقد جعلت الغنائم من خواص الرسالة المحمدية.
ويطلق على الغنيمة، وقد يطلق على كل ما يؤخذ من العدو من غير قتال كالفيء، وقد يطلق على ما نفله النبي - ﷺ - من خمس الله ورسوله لبعض المؤمنين، ومنه ما كان يعطي للمؤلفة قلوبهم، ومهما يكن ما يعطي من نفل غير ما يكون في الجهاد، فإن الظاهر المراد من الأنفال الغنائم التي غنمت في غزوة، فقد جاءت قريش بخيلها ورجلها، وكثير من مالها، فآل ذلك كله للمؤمنين المنتصرين، فأخذ كل من المجاهدين ما عده حقا له دون غيره، وثبت في الصحاح بعض الاختلاف، إذ لم يكن ثمة منهاج يتبع، ولم يكن لهم بهذه الغنائم في الإسلام مثال يحتذى، فيروي الإمام أحمد في مسنده عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللهُ الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصِيبُ