على الغنائم والمنازعة نعد لكم بالخذلان والفشل، كما قال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)، ولا تغني الكثرة شيئا مع الاختلاف لأن الاختلاف لَا يكون فيه القوة على العدو، ولكن يكون بأسهم بينهم شديدا، فحربهم على أنفسهم لَا على أعدائهم، وقد أكد الله سبحانه وتعالى ذلك فقال: (وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ).
أكد سبحانه وتعالى النفي بـ " لن "، وأنه لَا يغني أي شيء ولو قليلا، وثالثا أنه لَا يغني مع الكثرة. وإن الله سبحانه وتعالى علام الغيوب، يخبر بما سيكون يوم أحد، فقد كانت معهم قوة، وسابقة نصر، ولكن لم يطيعوا واختلفوا على الغنائم فلم ينتصروا، ولا نقول انهزموا، بل كان الأمر بينهما.
ذلكم تخريجان، ونحن نرى أن الأقرب إلى سياق الآيات، وإلى سياق الأمر بالطاعة، وإلى الانسجام البياني المعجز، أن نقول: إن الخطاب للمؤمنين تحذيرا وإنذارا.
وِختم الله تعالى الآية بقوله تعالت حكمته وكلماته: (وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنين) " أنَّ " مفتوحة الهمزة للدلالة على أنها متعلقة بقوله تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنَُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) ويكون هذا قرينة على أن الخطاب للمؤمنين وليس للكافرين، وهناك قراءة تقول: إن " إنَّ " مكسورة.
والتعبير بقوله تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) سواء أكانت أن مكسورة أو مفتوحة يدل على أمرين:
أحدهما - أن الله تعالى مع المؤمنين، ينصرهم، ويكون الفتح في جانبهم ومعهم دائما، والثاني - أن ذلك يكون إذا تخلقوا باخلاق المؤمنين، ولم يتفرقوا، حتى لَا يفشلوا فتذهب ريحهم.
وبعد أن أشار سبحانه إلى أن قوة المؤمنين في طاعتهم لله ورسوله واستمساكهم وتعاونهم وتضافرهم أقر بالأمر الجامع بينهم، وهو الطاعة فقال:
* * *