و (ثم) هي للعطف والترتيب، وكان التعبير بـ (ثم) لبيان بعد ما يقع عما يريدون، فهم أرادوه سرورا لأنفسهم بتحقيق الصد عن سبيل الله، وهزم الحق، وكانت النتيجة ليست سرورا بل حسرة؛ لأنهم لم يحققوا ما أرادوا وكانت الهزيمة، وهي حسرة ثانية، وكان نصر المؤمنين، وأن يكونوا هم المغلوبين.
ولا شك أن هذه الأمور التي ترتبت بعيدة عن الغاية التي أرادوها، فكان التعبير بـ (ثم) لهذه المفارقة بين النتائج التي حققت، والمبعث للإنفاق.
والتعبير بالموصول في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) إيذان بأنهم يغالبون الله - وهم الكافرون - بأموالهم، والله هو القاهر فوق عباده.
هذه عقوبتهم في الدنيا، وهي إنفاقهم وإحباط عملهم، وذهاب ذلك حسرات عليهم، وأن يكونوا مغلوبين ما داموا ينازعون أهل الحق ويصدون عن سبيل إلله.
أما في الآخرة فجهنم وبئس المصير؛ ولذا ختم الله تعالى الآية بقوله تعالت كلماته: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرونَ) أي والذين كفروا بسبب كفرهم يذهبون إلى جهنم يحشرون فيها، وقدم الجار والمجرور للدلالة على الاختصاص، أي أنهم يحشرون إلى جهنم وحدها، والتعبير بيحشرون يومئ إلى كثرة أهل جهنم، وإلى أنهم يكونون في ضيق محشورون. اللهم قنا عذاب النار.
وإن المؤمنين في جنة ونعيم مقيم.
وكان الكافرون في جهنم ليتميزوا بعقابهم، ولذا قال تعالى:
(لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٣٧)
الآية متصلة بالآية التي قبلها، فاللام متعلقة بقوله تعالى: (يُحْشَرُونَ) في آخر الآية السابقة، أي أن الله تعالى يحشر أولئك الكافرين في جهنم دون غيرها