ولقد روي عن النبي - ﷺ - أنه قال: " من فرق بين ثلاث فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة: من قال: أطيع الله ولا أطيع الرسول، والله تعالى يقول:
(... أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ...)، ومن أقام الصلاة ولم يؤد الزكاة والله تعالى يقول: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ...) ومن فرق بين شكر الله وشكر والديه والله تعالى يقول: (... أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ...) ألقمان، (١).
وعن أنس بن مالك أن رسول الله - ﷺ - قال: " من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته لَا يشرك به شيئا، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة فارقها والله عنه راضٍ، وهو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم " (٢).
وقد ختم الله تعالى الآية بقوله تعالى: (وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْم يَعْلَمُونَ)، أي نبين آيات الله لقوم يعلمون، أي من شأنهم أن يعلموا الحقائق، ويدركوا مراميها وغاياتها.
وبعد أن بين الله سبحانه حال الذين ينخلعون من عبادة الأوثان، ويتوبون لله ويرجعون إليه ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، بين ما يعامل به الذين يستمرون في غيهم، وينقضون عهودهم ويطعنون في الدين وما يعاملون به، فقال تعالى:
________
(١) ورد في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ [ص: ٩٤] وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ "، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ ". رواه البخاري: الزكاة - وجوب الزكاة (١٤٠٠)، ومسلم: الأيمان - الأمر بقتال الناس حتى يقولوا (٢٠).
وروى الترمذي: البيوع - ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين، أو بين الوالدة وولدها (١٢٨٣)، كما رواه أحمد والدارمي.
(٢) رواه ابن ماجه في سننه: المقدمة - في الأيمان (٧٠).


الصفحة التالية
Icon