من السمين، والحق من الباطل، ويتعرفون ما عليه آلهتهم التي يزعمونها، وما نصر به الإله الحق أولياءه المؤمنين فيهتدون بعد ضلالة، ولذا قال الله إن من آثار الحرب التي يدك فيها الشر أن يتوب الله على من يشاء من عباده، فقال تعالى: (وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ) أي أنهم يحسون بقوة الحق، وضعف ما هم عليه من كفر، وضلال في الأوثان فيتوبون أي يرجعون إلى الله بعد أن بعدوا عن الإيمان، والآية تشير إلى أن هذه التوبة فيض من الله عليهم وصلوا إليها بعد أن ذهب غرورهم بما هم عليه من عبادة الأصنام.
وختم الله سبحانه وتعالى الآية بقوله: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) يعلم النفوس وما يهديها، وما يوجهها، إلى الحق، حكيم يضع الأمور في مواضعها، وبدبرها بحكمته، وهو العزيز الحكيم.
* * *
قال الله تعالى:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (١٨)
* * *
قوله تعالى:
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُو).
(أم) هنا للإضراب الانتقالي من باب في الجهاد وتحريض عليه إلى باب الاختبار بالجهاد وتمحيص المخلصين من غير المخلصين، والهمزة في " أم "


الصفحة التالية
Icon