رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧)
* * *
المواطن جمع موطن، وهو مكان الحرب، الذي توطن فيه النفوس على القتال، وهو كما قال الزمخشري: ومواطن الحرب، مقاماتها، ومواقفها، قال الشاعر:

وكم موطن لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النيق منهوِي (١)
والمواطن الكثيرة: بدر، وجلاء بني قينقاع والنضير، وقريظة والأحزاب، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة، وذكر أيضا أحد، فما انهزم المسلمون ولكن أصابهم قرح، ومؤتة، فالمسلمون فيها قتلوا من الرومان مقتلة عظيمة، وما فروا، ولكن عادوا ليستعدوا أمام مائتي ألف، ثم عاودوهم من بعد في تبوك فمنَّ الله تعالى على المسلمين، أو بالأحرى المؤمنين - بالنصر في هذه المواطن، وقد هداهم الله تعالى إليه وأمدهم بالملائكة، لأن قلوبهم كانت مستعدة لتجلي الملائكة، وإمدادهم بهم.
وذكر سبحانه يوم حنين، لأن قلوب الكثرة من المسلمين لم تكن مستعدة لهذا التجلي الملائكي، وعبر سبحانه بيوم حنين، ولم يعبر بغزوة حنين، لأن هذه الغزوة كان لها دوران: دور يوم حنين وهو الذي جرح فيه المسلمون، والدور الثاني الذي انفرد به المهاجرون والأنصار فكان النصر وكان تأييد الملائكة.
________
(١) قلة النيق: سفح الجبل.


الصفحة التالية
Icon