والقمر يدور حول الأرض في فلكها، والأرض فراش الإنسان مهَّدها له العلي القدير.
ولقد قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَات لأُوْلِي الأَلْبَابِ)، أي العفول المدركة، وهكذا كان الكون وما يجري فيه من الآيات والنذر، ولكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لَا يؤمنون.
ويقول سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقَ اللَّه فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْم يَتَّقُونَ) هذا توجيه النظر لما في السماوات والأرض من نجوم وكواكب.
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (١١).
فأشار سبحانه وتعالى إلى الكون في إنشائه وتنوعه وتفاوته وتدبيره وإحكامه وتماسكه وأنه لَا فروج بين كواكبه ونجومه وأنها متماسكة بالجاذبية.
(لآيَات لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ) هذا اسم إن في قوله تعالى: (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) وإن (اللام) لام (التوكيد)، والآيات جمع آية، وهي الأمر الكوني الدال على وحدانية اللَّه وكمال قدرته وإبداع الكون على غير مثال سبق، وأنه سبحانه منشئ الكون بإرادته.
وهذه الآيات لَا يدرك مغزاها وما توحي به إلا القوم المتقون، الذين امتلأت قلوبهم بالإدراك ومراقبة أنفسهم، يخافون العواقب ويقدِّرون الأمور تحت سلطان التقوى، يعلمون أن اللَّه الواحد الأحد منشئ الكون وحده هو المعبود وحده لا معبود سواه.
وقد ذكر سبحانه من يدركون بأنهم الذين (يعلمون)، ومرة أنهم (يؤمنون) وأخرى أنهم (يوقنون)، ومرة رابعة بأنهم (يتقون)، وهم الذين يدركون ما تدل