آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (٢١) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)
* * *
ذكر سبحانه الفطرة الإنسانية واتحاد الناس فيها، كما أن انبثاق الاختلاف كان من أصل الوحدة في التكوين،
(وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً).
(كَانَ) هنا بمعنى " وُجدَ " أي ما وُجِدَ الناس إلا أمة واحدة، أي واحدة في منازعها وغرائزها وكيانها الإنساني، فحب النفس واحد وحب السلطان والغَلَب وهذه المنازع في النفوس من شأنها أن تتغالب، وإذا تغالبت بين الآحاد اختلفت فكان الاختلاف في أصل الوحدة.
إذ الوحدة في الطبائع أوجدت الاختلاف في المنازع، ولذلك ترتب الاختلاف على أصل الوحدة.
فوحدة الإنسانية ليست كوحدة الملائكة - وحدة الطاعة - لَا يعصون اللَّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وإنما وحدة الإنسانية هي وحدة الطبائع التي يمتد بعضها إلى أصلها الحيواني، ولذا رتب اللَّه سبحانه وتعالى الاختلاف على الوحدة (فَاخْتَلَفُوا) (الفاء) عاطفة لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فالغرائز تتناحر فمن


الصفحة التالية
Icon