يُغلب عقله على هواه يهتدي، ومن غَلَّبَ لذاته يكون عبدًا لشهواته فيضل ويشقى، فمن الناس من يغالب للشر ويقاوم الخير فيفتري، ومنهم من يناصر الحق ويدفع الاعتداء فيهتدي.
إن اللَّه تعالى هو الذي يحكم وهو خير الفاصلين، ولكنه أخَّر قضاءه الذي يقضى به في الدنيا، إلا إذا طمَّ الشر وبغى وخُشِي على الحق من سطوَته فيمنعه كما حدث لقوم نوحٍ وعاد وثمود، وقوم لوط، ولذا قال سبحانه: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
(لَوْلا) حرف امتناع لوجود، أي امتنع قضاء اللَّه، أي حكمه فيما بينهم (لَوْلا كلِمَةٌ سَبَقَتْ)، وكلمة اللَّه السابقة وهي التأجيل ليوم الحساب وتركهم في الدنيا - دار البلاء والاختبار - ليصل كُل إلى أقصى ما تتأدى به نزوعه، فيكون حكمه بعد الأعمال كلها، ويفتح اللَّه باب الرجوع إليه سبحانه فإنه تواب رحيم وما داموا في الدنيا فباب التوبة مفتوح إنه هو التواب الرحيم.
وأحد منازع الشر عند الضالين أنهم لَا يؤمنون بالحق إذ جاءهم؛ ولذلك لا يؤمنون بإعجاز القرآن وإن بدا الحق فيه، ولما عجزوا إذ تحداهم اللَّه أن يأتوا بسورة من مثله طلبوا آية أخرى غيره
(وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠)
أرادوا إعنات الرسول - ﷺ - مع قيام الحجة ووضوح الدليل وقد لبث فيهم - ﷺ - عمرا طويلا، أمينا صادقا عاقلا رزينا، حكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، ومع هذا طلبوا آية أخرى غير القرآن.
وإذا ذكر لهم قصص أمم أهلكها اللَّه إذ كفروا وبغوا على أنبيائهم تحدوا الرسول وطلبوا آية تهلكهم كما هلك عاد وثمود وقوم تُبَّع وقوم نوح.
(وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ من رَّبِّهِ) - آية حسية أو آية مهلكة - التعبير بالمضارع يفيد تكرارهم ذلك القول آنَا بعد آن، وهو الموقف السلبي لمن يريد جعل