الحق من أقرب الطرق، ولذا قال سبحانه: (يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) والصراط هو الطريق المستقيم الموصل إلى الجزاء الحق وهو طريق اللَّه تعالى؛ ولذا قال سبحانه: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ...).
فسبيله خط مستقيم هادٍ مرشد إلى الحق الذي لَا ريب فيه، والسبل الأخرى هي مسارات الشيطان ومضطَّرب أهوائه.
وهنا أمران يجب الإشارة إليهما:
أولهما - أن اللَّه تعالى نسب إلى ذاته الدعوة إلى دار السلام، وهي الجنة دار الأمن الباقية التي لَا إزعاج فيها ولا عذاب.
ثانيهما - أن اللَّه تعالى يهدي من يشاء، وأن من سلك طريق الهداية أوصله إليها، ومن سلك طريق الضلالة سار إلى الضلال البعيد.
لم يذكر اللَّه سبحانه وتعالى أنه يشاء الضلالة لعباده، بل هم الذين يسيرون فيها، وبعد أن ذكر سبحانه وتعالى هداية الذين استجابوا لله ولرسوله ذكر جزاءهم.
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ... (٢٦)
الذين أحسنوا هم المؤمنون الذين آمنوا بالبعث والنشور والجزاء من الثواب والعقاب وآمنوا أولا بلقاء اللَّه.
(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا)، (اللام) للملك أو الاختصاص، أي يعطيهم اللَّه الجزاء عطاء موفورا لأجل إحسانهم. (الْحُسْنَى) مؤنث أحسن، أي يعطيهم اللَّه الجزاء الأحسن، أي الذي بلغ أعلى درجات الكمال. (وَزِيَادَةٌ) للإشارة إلى أن عطاءَهم ليس بمقدار إحسانهم؛ لأنه سبحانه المتفضل المكرم الذي لَا يعطي بمقدار ما قُدِّم بل إنه كما قال تعالى: (... وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ...).