وقوله: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ)، فالاختبار هنا يكشفه الله ويستحضر لهم فيه ما أسلفوا.
أما القراءة بالنون مع نصب " كل " أي (نبلوا كلَّ) فهي نصب في المعنى السابق والاختلاف في الإعراب ولا اختلاف في المعنى.
ومن هذا نجد أن الاختلاف الحقيقي يكون بين القراءتين بالتاء والنون وكله من عند اللَّه تعالى.
(وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) المولى بمعنى الناصر وبمعنى الخالق وبمعنى المالك، أي مالكهم الحق، أي الثابت ملكيته، وسلطانه. والحق للاحتراز عما ادعوا من أوثان وأنداد اتخذوها، ففي هذا اليوم يتبدى سلطان اللَّه تعالى حقا وتتبدد أوهامهم عن أولياء الشيطان وما زعموه.
ولذا قال سبحانه: (وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي غاب عنهم وبعُد عن عقولهم ما كانوا يفترونه في عبادات باطلة وافتراء كاذب كانوا مستمرين عليه يكررونه ليلا نهارا، وفي قوله تعالى: (مَا كَانُوا) يدل على الاستمرار وذلك بالجمع بين الماضي في (كَانُوا) والمستقبل في (يَفْتَرُونَ) فالجمع بين الماضي والمستقبل يدل على استمرار الفعل.
يقول تعالى:
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)
قلنا في أكثر من موضع: إن العرب كانوا على علم بالخلق والتكوين وأنهم يؤمنون بوحدانية الخالق، ولكنهم في العبادة يشركون ويزعمون استحقاق الأوثان للعبادة على أن يكونوا شفعاء لهم، فبين اللَّه بطلان عبادتهم وقد كانوا لضلالهم يربطون بين وحدة الخالق للكون وبين ما يعبدون، فبين لهم سبحانه في كثير من