حياة فيها شجرة وارفة الظلال، ومن الماء المهين إنسانا سويا، ثم يكون الزرع حطامًا والإنسان ميتا مقبورا، ولقد قال تعالى في تصوير ذلك: (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥).
هو سبحانه خالق كل شيء ولم يخلقه ويتركه من غير تدبير، بل إنه سبحانه وتعالى القائم عليه، ولذا قال تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) كما أنه سبحانه يمسك السماء والأرض أن تزولا، ويدبر الأرزاق.
ثم نعود لصيغة الاستفهام القرآنية (أَمَّن) فصيغة القرآن استفهام ويُطلب منهم الجواب ليكون جوابهم إقرارا أو تقريرا، وكذلك قال اللَّه: (فَسَيَقُولونَ اللَّهُ) فإذا قالوها وهي الحق أجيبوا: (أَفَلا تَتَّقونَ)، (الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فترتب على إقرارهم دعوتهم إلى تقوى اللَّه والإحساس بجلاله وتجنب ما لا يرضيه، بعد أن أخذ سبحانه وتعالى منهم إقرارًا بأنه خالق الكون ومدبره والقائم عليه وحده، بين سبحانه وتعالى أنه هو الرب وحده وأشار إلى أنه المستحق للعبادة وحده، فقال عز من قائل:
(فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢)
(الفاء) لترتيب ما بعدها على ما قبلها، أي إذا كان اللَّه الخالق وحده والمدبر للكون وخالق القوي الإنسانية وغيرها وحده فهو الرب حقا وصدقا، و (الْحَقُّ) تأكيد لمعنى الربوبية، والربوبية والعبادة متلازمتان تلازما لَا يقبل الانفصال، فالرب حقا هو المعبود وحده المنفرد بالخلق، وهو المنفرد بالعبودية فلا إله غيره.
الخطاب في اسم الإشارة للجمع؛ لأنه لَا يخاطب به النبي وحده إنما يخاطب به الناس أجمعين وخصوصا المشركين، لأنهم الذين أقروا بالخلق وضلوا في العبادة.