ثانيا: بذكر الضمير (هُمْ) فذلك مؤكد من مؤكدات الحكم.
ثالثا: في التعبير بالمضارع الذي يصور - الاستمرار فإنهم لَا يداخلهم الحزن؛ لأن قلوبهم عامرة دائما بذكر الله فامتلأت طمأنينة، والاطمئنان يطرد الحزن كقوله تعالى: (... أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
العبارة الثانية - قوله تعالى: (وَكانُوا يَتَّقُونَ) وفيه جمع بين الماضي والمضارع، الماضي في (كَانُوا) والمضارع في (يَتَّقون)، وهذا يفيد استمرار التقوى، قلوبهم ممتلئة دائما بخشية الله تعالى، وهم بذلك يستصغرون أعمالهم بجوار حق الله ويشعرون أنهم لم يؤدوا حق الله فيرجون رحمته ويخافون عذابه، وذلك مقام الصديقين القريبين من الله دائما.
عن عمر رضي الله عنه عن رسول الله - ﷺ - أنه قال: إن لِلَّهِ عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله، قيل: يا رسول الله أخبرنا من هم، وما أعمالهم؟ قال: هم قوم تحابوا في الله من غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلَى منابر من نور لَا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس (١)، ثم قرأ الآية: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٦٣)
________
(١) أخرجه أحمد: باقي مسند الأنصار - مسند أبي مالك الأشعري رضي الله عنه (٢٢٣٩٩).
لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
وقبل أن نترك الكلام في معنى الولاية وقد عرَّفها سبحانه بأنها الإيمان الخالص والإحسان الكامل وامتلاء النفس بالتقوى، لابد أن نتكلم حول خوارق للعادات، يقولون أنها تجري على أيدي من يسمونهم أولياء، وبعض علماء الكلام يقولون: إنها تسمى كرامة، وذلك خلاف لما جاء على يد الرسل وسميت معجزات.


الصفحة التالية
Icon