أبي ذر - أنه قيل: يا رسول اللَّه إن الرجل يعمل العمل يحمده الناس ويثنون عليه، فقال - ﷺ -: " تلك عاجل بشرى المؤمن " (١).
إن المؤمنين الصافية نفوسهم والذين أخلصوا وجوههم للَّه تعالى تميل إليهم قلوب المخلصين، وكان بعض الأعراب يؤمنون بمجرد رؤيتهم لوجه النبي - ﷺ - رآه مرة أعرابي فسأله: أأنت الذي تقول قريش أنك كذاب، ما هذا بوجه كذاب ثم أسلم. ذلك صفاء النفس المحمدية بدا نورا في وجهه فآمن الأعرابي.
وأما بشرى الآخرة فهي لقاء الملائكة لهم بالبشرى، كما قال تعالى: (لا يَحْزنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
كما يقول سبحانه: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢).
وإذا كان النبي - ﷺ - ولي اللَّه وهو أول الأولياء وهاديهم فلا يلتفت إلى قول الذين يناوئونه؛ لأنه ولي العزيز الحكيم؛ ولذلك قال سبحانه:
________
(١) هذا لفظ أحمد: مسند الأنصار (٢٠٨٧٢)، والحديث رواه مسلم: البر والصلة - إذا أثني على الصالح فهي بشرى لَا تضره (٢٦٤٢) عن أبي ذر رضي الله عنه.
(وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥)
(وَلا يَحْرنكَ قَوْلُهُمْ) هذا نهي له - ﷺ - حتى لَا يبالى بهم ولا يأبه أو يحزن لما يقولون من تكذيب وتهديد ومن استهزاء وسخرية ومعاندة وإصرار على الكفر وطلبهم لعشيرته أن يسلموه لهم ليقتلوه، والنهي عن الحزن نهي عن الاستسلام له والانشغال به بل يستمر في دعوته، فاللَّه عاصمه من الناسِ، وقد علل ذلك النهي بما يبين أن الغلب في النهاية له، فقال (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)، وهذا استئناف في مقام التعليل للنهي السابق، والعزة هي الغلبة والسلطان وجميعها للَّه تعالى فلا عزة