ومستودعها هو مكان إيداعها في قبورها إن كانت في الأحياء التي تدفن، وإن الذي يعلم مكان استقرارها ومكان إيداعها هو يعلم مقدار حاجتها في الرزق فلا يمكن أن يفوت الرزق أحدا.
ثم يؤكد سبحانه كل هذا بقوله: (كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) أي أن كل دابة ورزقها ومقامها واستيداعها في باطن الأرض وديعة مستردة بعد حين، كل ذلك مكتوب في كتاب واضح هو اللوح المحفوظ والعلم المكنون.
وإن من ألفاظ القرآن أنه (... لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) وإن وعده سبحانه الحق لا يقبل إخلافا ولا تخلفا، ولكن ناسا لَا يؤمنون بالخالق الرازق ذي القوة المتين يحسبون أنهم يرزقون أنفسهم، ويريدون أن يفعلوا فعل أهل الموءودة ويظنون أنهم إن قضوا على نسلهم ضمنوا رزقهم، ولقد نسوا قول اللَّه تعالى: (... وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ...).
وقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاق نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ...).
ولقد قال بعض الذين يتخذون الأسباب:
وكيف أخشى الفقر والله رازقي | ورازق هذا الخلق في العسر واليسر |
تكفل بالأرزاق للخلق كلهم | وللضب في البيداء والحوت في البحر |
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)
الضمير (هُوَ) يعود إلى اللَّه جل جلاله، وهو في نفس كل إنسان وعقله وقلبه إذا كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر، والآية تؤكد تدبير اللَّه تعالى لخلقه وإمداده