وإنهم يرون آيات اللَّه تعالى تنزل بالمشركين، (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٠٧).
وإن الحق ما تدعو إليه، (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨).
ولقد بين سبحانه وتعالى أنه لم يكن بدعا من الرسل، وأن الرسل قبله كانوا مثله، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠٩).
ويبين للنبي - ﷺ - أن الرسل كانوا يستيئسون، وفي حال يأسهم يجيء عذاب اللَّه للمشركين (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠).
الرسل جميعا اعتراهم اليأس إلا محمدا - ﷺ -، وذلك فضله عليهم أجمعين، بل قال وهو في أشد ما نزل به وقد فقد الناصر والمواسي: " إني لأرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله " (١)، ولقد ختم السورة بقوله تعالت كلماته: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)
صدق اللَّه العظيم.
ما سبق استعراض لمعاني سورة يوسف عليه السلام إجمالا، وما كانت قصة غرام كما افتراه الكاذبون، إنما فيها آفات النفوس في الأسر، وعلاجها، وفيها علاج المجتمعات التي يصيبها الفقر، وفيها أن الشفقة في الأسرة هي إدامها، وفيها أن الشيطان ينزغ في النفوس من الحسد الذي يؤدي إلى أشد الجرائم فظاعة.
* * *
________
(١) انظر البخاري: بدء الخلق - ذكر الملائكة (٢٩٩٢)، ومسلم: الجهاد والسير - ما لقي النبي - ﷺ - (٣٣٥٢).