بـ (إنَّ) وباللام، وبتقديم حرف الجر (له)، للدلالة على عظيم اهتمامهم، وكريم رعايتهم، وليلقوا بالاطمئنان في قلب أبيهم.
فأجاب الأب الشفيق الطيب، وقد كانوا في مذأبة من الأرض، يكثر ذئابها، قال:
(قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣)
بذلوا أقصى معسول للقول، وأكثروا من تأكيدا المحبة، والإخلاص، ويكثر الكائد من قول يكون لإحساسه بأنه كاذب في نفسه، ويحاول أن يستر ذلك على من يخاطبه.
وقد توجس يعقوب منهم خيفة، وقال معلنا خوفه بهاتين العبارتين أولاهما: (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ) وفي هذه العبارة السامية يبين حزنه أريد الذي أكده بـ (إنَّ) ولام التوكيد، وسبب الحزن هو مفارقته، فذهابهم به يوجد في نفسه حزنا عميقا، وذلك إمارة حبه الدفين الذي لَا يستطيع معه فراقا، والثانية: قوله: (وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئب) فهو لَا يحب أن يفترق عنه، ويخاف عليه من الذئب.
وهنا نقول: إن نبي اللَّه يعقوب كان ينطق بفطرة الأبوة المحبة، ولكنه يخاطب من يريدون الشر ويفعلون، ويحاولون من بعد أن يلتمسوا المعاذير التي يرونها تدخل على نفس أبيهم في يُسر، ومن غير استئذان، وقد وجدوا الأب الكريم الطيب النقي، يسهل لهم معاذيرهم، وهو خوفه من أن يأكله الذئب، وهم عنه غافلون، فقالوا: أكله الذئب، فعذرهم الكاذب أخذوه من قول أبيهم الصادق، وعلموا أنه الذريعة إلى التصديق، وإخفاء ما بيتوا.
قالوا مسترسلين في خديعة أبيهم، ومن يدبر الشر
(لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (١٤)
أكدوا لأبيهم، أن حمايتهم له كاملة شاملة، لَا يمكن أن


الصفحة التالية
Icon