الشهوة أعلاها، فقد بلغت به العفة أقواها، ولكنه خشي بحكمة النبوة أن موالاة المراودة والمعاودة إليها والتدبير لإسقاطه أن يؤثر في نفسه، فلجأ إلى مقلب القلوب، ومصرف الأنفس (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) أي إن لم تصرف عني تدبيرهن الخبيث، وإغراءهن المتوالي أمتثل إليهن وأكن من الجاهلين، أهل الحماقة والفساد.
(فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)
أجابه سبحانه وتعالى إلى دعائه، والسين والتاء لتأكيد الإجابة، (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ) أي تدبيرهن، وكان يأسهن من إجابته مسهلا للانصراف عن الكيد بالمراودة والإغراء والتهديد، وإن لم تنصرف عنه قلوبهن، إنه سبحانه هو العليم بكل الأحوال السميع لكل الأقوال يدبر كل شيء على مقتضى علمه وحكمته.
* * *
السجين البريء
قال تعالى:
(ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٣٧)


الصفحة التالية
Icon