الثانية: في كلمة (فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ)، المعنى ذكره عند ربه، والإضافة لأدنى ملابسة، وقد مكث بعد ذلك بضع سنين، كان فيها داعية للتوحيد، وقد أَنِسَ به الذين كانوا يدخلون السجن، فدعاهم إلى التوحيد، وكانوا يدخلون متهمين من الملك أو غيره، ويخرجون مؤمنين مدركين، وكان بعضهم لأنسه بيوسف الصديق يرغب في أن يعود سجينا.
وكان يدعو - كما رأينا في دعوته - صاحبي السجن أولا، وفي هذا إشارة إلى استمرار دعوته إلى التوحيد.
والسجناء في مصر كانوا في أغلب الأحوال أبرياء وضعفاء، وأول من يستجيب للنبيين الضعفاء كما رأينا من بعد في أتباع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وكما رأينا من قبل في أتباع نوح عليه السلام، كما قال عن قوم نوح:
(... وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ...).
* * *
الخلاص
قال تعالى:
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ