(يُفَصِّلُ الآيَاتِ) ينزل عليهم الآيات المبينة للقدرة من خسف وكسوف، وزلازل وغيث يحيي الأرض، وغيث يدمر ما عليها، كل هذه لتكون آيات بينات تدل على القدرة، وعلى أن الكون يسير بإرادة مختارة، وأنه يبدئ ويعيد، وينشئ، ثم يميت، ثم يحيي، وهو على كل شيء قدير.
وإن اللَّه تعالى أشار إلى هذه القدرة العظيمة رجاء أن يؤمنوا بالمعاد فقال تعالى: (لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنونَ).
أي: لعلكم ترجون لقاء ربكم وتوقنون به، فالرجاء ليس من اللَّه، ولكن الرجاء من الخلق وهو على كل شيء قدير، أي لعلكم إذا تأملتم ما في السماوات والأرض من خلق توقنون بلقاء ربكم ولا تنكرون ولا تظنون ظنا. بل تستيقنون استيقانا، وهنا إشارات بيانية في هذه الآية وما قبلها نذكرها إجمالا:
أولاها: أن تعريف الطرفين في قوله: (الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ) للقصر، أي لَا حق سواه.
الثانية: في قوله: (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) فيها دليل على وجود الصانع المنشئ والمدبر، وأن وراء كل جزئية من الكون سرا إلهيا، هو الذي يدبر، وهو الذي يقوم عليه فهو الحي القيوم.
الثالثة: أن قوله عن البعث: (لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) فيه إشارة إلى أن البعث لقاء اللَّه، وقدر (بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ) على الفعل (تُوقِنُون) لمزيد الاهتمام.
وبعد ذكر اللَّه تعالى رفع السماوات، وما فيها من أجرام ذكر الأرض وما فيها من آيات بينات فقال عز من قائل:
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣)
بعد أن بين سبحانه وتعالى قدرته في رفع السماء بغير عمد ترونها، وما فيها من كواكب ونجوم رمز إليها بأجلها شأنا، وهي الشمس مصدر نورها، والقمر،