كله، وأنه لَا سلطان لغيره ذكر بعض مقتضياته، وهو كفر من يعبد الأوثان، واستحقاقه للعذار، ، ولذا قال تعالى: (وَوَيْلٌ للْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) الويل: الهلاك، وقال الزجاج: هي كلمة تقال للعذاب والهلاك (مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) في ذاته، وفي هذا إنذار ووعيد، والمعنى هلاك لهم من عذاب شديد.
وكأن المعنى كما يقول الزمخشري: يولولون من عذاب شديد، ويصيحون قائلين يا ويلاه. وننبه هنا إلى أمرين:
أولهما: أن ذكر الويل ينزل بالكافرين، هو في مقابل الذين يسلكون صراط العزيز الحميد، من حيث إنهم يكونون في عزة بعزته سبحانه وتعالى، وعاقبتهم محمودة بسلوكهم طريقه المحمود، أما الذين لَا يسلكون الطريق ويخالفون مقتضى الملكية الثابته للَّه تعالى في السماوات والأرض ومن فيهن، فإنهم يكونون في ويل من عذاب شديد.
وثانيهما: اللَّه مالك كل شيء، حتى لقد قرر الفقهاء أن ملكية الناس للأشياء ملكية نسبية وليست ملكية حقيقية؛ لأن المالك في الحقيقة هو اللَّه سبحانه وتعالى.
وقد بين سبحانه وتعالى صفات الكافرين الذين لهم الويل من عذاب شديد، لَا يكتنه كنهه، ذكر سبحانه أوصافهم الظاهرة، فقال تعالى:
(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٣)
وصفهم سبحانه وتعالى، في هذه الآية بثلاث صفات، وختمها بجزائهم المستحق من هذه الصفات والمترتب عليها:
الصفة الأولى: أنهم (يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ)، (استحب) السين والتاء للطلب، فمعنى استحب الحياة، أي طلب حب الحياة الدنيا، وهذا يستفاد منه أولا الرغبة الشديدة؛ في الحياة بمعنى اللجاجة في طلبها، ويستفاد منه


الصفحة التالية
Icon