وروي عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - أن أيام اللَّه هي النعم التي أنعم بها على بني إسرائيل، والأيام التي أنزل بها اعتبارا لأهل مصر ليسلموا، فقد أنزل عليهم تسع آيات هي: الطوفان والجراد والقمل، والضفادع والدم والعصا، ويده إذ تخرج بيضاء من غير سوء، والسنين ونقص من الثمرات.
ويمثل عبارات بعض المفسرين إلى أن الأيام التي طلب اللَّه تعالى من موسى أن يذكرهم بها تعم أيام المحنة التي نزلت ببني إسرائيل وأيام النعمة، وقال الطبري في ذلك: وعظهم اللَّه تعالى بما سلف من الأيام الماضية لهم، أي بما كانوا في أيام اللَّه تعالى من النعمة والمحنة، وقد كانوا عبيدا مستذلين.
وهكذا نرى أن ابن جرير يخص الأيام بأيام اللَّه تعالى في بني إسرائيل محنة ونعمة.
والحق أن أيام اللَّه تعالى تعم أيام الشدائد، وأيام النعم، وتعم بني إسرائيل ومن سبقهم من الأمم كقوم نوح إلى آخره، وقد ذكر اللَّه سبحانه وتعالى تلك الأيام ببعض التفصيل بذكر النعم والنقم معًا.
وهذا بحث نحوي أشار إليه المفسرون اللغويون، وهو يتعلق بقوله تعالى:
(أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) فيقول: أرسل اللَّه موسى مؤيدًا بالآيات التسع التي أشرنا إليها قائلا له: (أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، أي من الضلال الذي هو كالظلمات المتكاثفة إلى الحق الذي كالنور الواضح البين، ويصح أن نقول: إن (أَنْ) تفسيرية، أي إن ما بعدها تفسير لمعنى الرسالة، وجوَّز الزمخشري أن (أَنْ) مصدرية ولا مانع من دخولها على الأمر، لأنه فعل، ويكون المعنى: أرسلنا موسى إلى قومه بإخراجهم من الظلمات إلى النور. وقد بينا أن قومه تعم كل من بعث إليهم، وهم بنو إسرائيل، وأهل مصر، وقد كانت دعوته - عليه السلام - فيهم.


الصفحة التالية
Icon