وقوله تعالى: (إِن يَشَأ يُذْهِبْكُمْ وَيَأتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) أن هذا الذي أنشأ السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن قادر على أن يذهبهم وأن يفنيهم، فالإفناء أسهل من الإنشاء (وَيَأتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) وإن الإتيان بجديد مثلهن القدرة عليه ثابتة بالمقايسة، فمن قدر على الإنشاء قادر على الإنشاء الثاني
(وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)
أن ليس ذلك الإنشاء الثاني بعزيز، أي متعذر أو متعسر عليه سبحانه، فهو سبحانه وتعالى قادر بذاته، لَا يختص بابتداء ولا إنشاء من جديد، فالقدرة ثابتة، ومتى يثبت لَا يعز شيء عليه ولا صعب.
وفى هذا الكلام بيان أن اللَّه سبحانه وتعالى قادر على الإعادة، لأنه قادر على الإنشاء من جديد، كما قال سبحانه: (إِن يَشَا يُذْهِبْكُمْ ويَأتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ).
وكما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣).
وكما قال تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
وإن الآية تفيد بإشارتها ترهيب المشركين بأنهم لَا يعجزون اللَّه، فإنه يستطيع إهلاكهم، وخلق غيرهم.
وإنهم في قبضة اللَّه في الدنيا، وجزاؤهم عنده في الآخرة، وهو يتولى الجزاء بالإحسان لمن أحسن وبالعذاب لمن عصى.
* * *
ما بين التابع والمتبوع والشيطان
قال اللَّه تعالى:
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ