مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٢)
* * *
هاتان الآيتان تصوران المجاوبة التي تكون بين العصاة وأولهم الشيطان الذي أقسم ليغوين الناس إلا عباد اللَّه المخلصين، والطبقة التي استغواها ابتداء المتبوعون من ذوي الاستكبار والاستعلاء على الناس بالجاه الدنيوي والمال والعزة، وهؤلاء يؤثرون في عرهم فتكون الطبقة التابعة والإمَعات (١) الطائعة.
صور اللَّه سبحانه أقوال التابعين للمتبوعين وابتداء منِ الدنيا في العصيان إلى من أخذوهم إلى الضلال، فقال تعالى:
________
(١) جمع إمعة: وهو من يقلد غيره في قوله أو فعله.
(وبَرَزوا لِلَّهِ جَمِيعَا)، أي ظهروا أمام الله جميعا وقد عصوه، إذ أشركوا به أندادا لَا تنفع ولا تضر، وذلك بعد أن بعثهم اللَّه تعالى، وأنشرهم من قبورهم وجمعهم يوم الحشر فكانوا أمام اللَّه، وقد كذبوا بلقائه، وقالوا: (... أَئِذَا كُنًا ترَابًا أَئِئا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ...)، والتعبير بـ (بَرَزُوا) فيه تذكير بالعيان لبطلان أقوالهم في الدنيا، وجميعا: إشارة إلى أنه قد جمع التابع والمتبوع والأبيض والأسود، والعربي والأعجمي، وكانوا بين يدي اللَّه وحده، وكانت المجاوبة الآتية: (فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) الضعفاء:
جمع ضعيف، والضعيف يشمل ثلاثة أنواع ممن يتصفون بالضعف: