الجمال هي سفن الصحراء، أي أنها تنقل الأمتعة والأثقال في الصحراء، كما تنقل السفينة الأثقال على سطح الماء.
فالضمير وإن كان يعود إلى الأنعام كلها، إلا أن حمل الأثقال عند العرب للجمال فقط، وفي الحق إن حمل الأثقال ظاهره حملها على الظهر، ولكنه يشمل بالتضمن جرها على العربات، وأن من البقر ما تجر العربات المحملة، كما يرى في مصر، وكما يرى في غيره من البلاد، وقد رأينا في باكستان الإبل تجر العربات.
وجملة معنى النص، وتحمل أثقالكم أو تجر ما يحملها إلى بلد نائية عن مقركم لم تكونوا بالغي هذا البلد لنأيه وبعد المسافة إلا بمشقة شديدة.
وإن ذلك من رحمة اللَّه تعالى بعباده ورأفته بهم؛ ولذلك قال تعالى في ختام الآية الكريمة: (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رحِيم)، أي أنه سبحانه يرأف بكم في خاصة أموركم ويرحمكم في عامة أحوالكم، وفي وجودكم، وهنا بعض إشارات نذكرها:
أولها - أن اللَّه تعالى عبر بـ (رَبَّكمْ) للإشارة إلى أن ذلك التمكين من مقتضيات الربوبية والقيام على شئونكم وهو سبحانه وتعالى: الحي القيوم الذي يحيط بكل شيء علما.
الثانية - أنه قال: (لَرَءُوفٌ رحِيمٌ)، والفرق بين الرأفة والرحمة فيما نحسب أن الرأفة فيما يكون في الإنسان في خاصة أمره من حيث الرفق والتسهيل والتيسير، والرحمة ما يكون بالإنسانية في عامة أمورها، وقد تكون الشدة في بعض الأحوال من مقتضيات الرحمة، لأن رحمة الكافة قد تقتضي شدة على الظالمين.
الثالثة - أن اللَّه تعالى أكد وصفه بالرأفة والرحمة بـ (إِنَّ)، وصيغ المبالغة، وبالجملة الاسمية، وباللام.