لا يكون إلا في دائرة الإيمان بألوهية الله تعالى وحده، فمن آمن بالله وحده، كان جديرا بنعمة الغفران، ومن أشرك بالله غيره، فإنه ليس بجدير، والله بكل شيء محيط.
وقد صرح الله تعالى ببعض الحقائق في معبوداتهم، فقال:
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠)
ذكر سبحانه وتعالى فضل خلقه ونعمه، وإنه الخالق المنعم، وبين المقايسة العادلة التي تفرق بين من يخلق ومن لَا يخلق، وبعد ذلك ذكر أن المعبودات التي يعبدونها لَا يمكن أن تخلق ثسيئا؛ ولذا قال: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ)، فالواو عاطفة على قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) وعبر سبحانه وتعالى عن الأوثان بالذين التي هي للعقلاء مجاراة لهم في تفكيرهم إذ يعطونها بأوهامهم من الصفات ما هو أعلى من العقلاء، و (شَيْئًا) التنكير فيه للعموم، أي لَا تخلقون أي شيء مهما صغر وهان، ولقد قال تعالى في تصوير عجزهم المطلق: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤)، إنها أحجار تنحت من صخورا الجبال، ولذا قال تعالى: (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ).
ولقد بين سبحانه أن المشركين أحسن خلقا من أوثانهم، فقال عز من قائل:
(أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)
هذه الحجارة جماد لَا تجري فيه الحياة، وهؤلاء الجهلاء يدعونها وهي أحجار، ومعنى يدعونها يعبدونها، (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ)، أي وكانت موصوفة بالموت؛ لأنها فاقدة الحياة ليس لها روح تسري فيها، كما تسري في الأحياء، والتعبير عنها بأموات لَا يخلو من مجاز؛ لأن الموت يكون للحي الذي فقد الحياة