وسواء صحت نسبة هذه المعاني إلى أبي البشرية الثاني أم لم تصح فإن هذا الكلام يدل على أن في كل أمر من أمور الإنسان نعمة توجب الشكر.
وإن ذكر هذه الأوصاف لنوح - عليه السلام - فيه تعليل لشرف الاتباع له وبيان أن من حملهم معه جديرون بالتكريم، وفيه مع ذلك دعوة لأن يجعلوه أسوة فقد جعله من حملهم معه أسوة لهم فاتخذوه أيضا أسوة.
بعد ذلك بين اللَّه ما فعله بنو إسرائيل في المسجد الأقصى، فقال عز من قائل:
* * *
(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (٥) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨)
* * *
بعد أن ذكر سبحانه مكانة بيت المقدس وأنه مَسْرى النبي - ﷺ - ومنه عرج بروحه إلى السماوات العلا ذكر سبحانه ما صنعه بنو إسرائيل حوله، وما صنع به


الصفحة التالية
Icon