واليوم الآخر، ولو آمنوا به لاتجهوا إلى الحق كما اتجه المؤمنون، وقلنا: إن فيصل التفرقة بين قلب المؤمن وقلب الكافر، أن المؤمن سكن قلبه الإيمان بالغيب وما وراء الحس والمادة واليوم الآخر، أما قلب الكافر فلا يسكنه إلا المحسوس والمادة، فلا يؤمن باليوم الآخر.
وقد ذكر عذاب الكافرين، فقال سبحانه: (أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) أي هيأنا لهم عذابا أليما أي مؤلا، وهو عذاب الجحيم، وكان التنكير لتكبيره، وتهويلهم به، وإنه لصادق.
بعد ذلك ذكر اللَّه سبحانه وتعالى وصفا للطبيعة الإنسانية سواء كانت كافرة أم مؤمنة، فقال:
(وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)
كُتبت العين مجردة من الواو، أي الواو محذوفة في الكتابة تبعا لحذفها في النطق بسبب التقاء الساكنين، فحذفت في الكتابة، وهذا ينبئ عن حقيقة مقررة، وهو أن القرآن الاعتماد فيه على القراءة، وعلى حفظه في الصدور، لَا في السطور وذلك هو الذي حفظه إلى يومنا وحتى يوم القيامة.
وقوله تعالى: (دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ)، أي أن دعاء الشر من الإنسان كدعاء الخير، لَا يتدبر فيه ولا يتريث، ولا يضبط نفسه بالتروي والتدبر، كما يدعو بخير واضح الخيرية نتيجته حسنة، وثمراته بادية، وقد وصف اللَّه تلك الحال بأنها من طبيعة الإنسان، فقال: (وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولًا).
ونريد أن نقف قليلا عند تفسير معنى " يدعو " ومعنى الشر والخير، أما معنى الشر فهو كل أمر لَا نفع فيه ويسوء، ويؤدي إلى فساد وضرر، كالشرك، والعذاب، والإيذاء، والفتنة في الدين، وتعجل كل ما هو مؤذ لنفسه أو لغيره، والخير كل ما فيه نفع عام أو خاص أو رفع ضرر، أو ما هو حق في ذاته كالتوحيد، والإيمان باللَّه ورسوله والملائكة واليوم الآخر، هذا هو معنى الشر والخير، أو هذا نظر بيِّن يقرب معنى الخير والشر، والشر والخير الحكم الديني


الصفحة التالية
Icon