وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونْ)، فعليهم أن يتحملوا تبعة أعمالهم، وأن يقدموا على ما يقدمون عليه بتفكير من غير تقليد، فلا يتحمل من يقلدونهم شيئا من أوزارهم.
والحقيقة الثالثة:
أنه لَا عذاب من غير إنذار، ودل على ذلك قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) إن العقل يدرك الخير والشر، ولكن لأن الغرائز البشرية متشابكة يؤثر بعضها على بعض، فالغريزة الجنسية توجد الهوى، والهوى يجعل غشاء على القلوب فلا تفقه، وعلى الآذان فلا تسمع سماع هداية، ولا يبصر بصر اعتبار، يكون ذلك، فلا بد من منبه يزيل غشاوة الأعين وضلال القلوب، ووقر الآذان، وهذا هو النذير، والعذاب من غير النذير لَا يكون من رحمة اللَّه تعالى بعباده، (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ) نفي مؤكد حتى تكون الغاية، أي ما كان من شأننا ولا من رحمتنا أن نعذب إلى أن نبعث رسولا يعلم الحق ويبينه، والباطل ويزهقه، وقال تعالى: (.. وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤).
* * *
الترف مآله الدمار
قال اللَّه تعالى:
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (١٧) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ


الصفحة التالية
Icon